مهرجان تجلّي بنابل ” برافو ” للمندوبية .. على إعادة الروح للموسيقى الصوفية
كتب :ح.عرفاوي

تجلّي هو طبق رمضاني متنوع الألوان .. جمع أكثر من فنان .. و تضمّن أكثر من عنوان .. امتد على النصف الثاني من رمضان ..أثثت دورته الرابعة المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بنابل بالشراكة مع المركب الثقافي نيابوليس و دار الثقافة نابل و بالتعاون مع مركز الفنون الركحية و الدرامية بالجهة ..
حيث كشفت المكلفة بالإعلام بالمندوبية رحاب بنقمرة أن تجلي هو مهرجان ذي خصوصية على اعتبار انه مزيج تناغم بين أكثر من نمط موسيقى هدفه إنعاش الذائقة الموسيقية و إعادة إحياء الموسيقى الصوفية التي تلج الروح و تغذي النفوس .. و أكدت في السياق نفسه أن المندوبية الجهوية للشؤون الثقافية بنابل و على رأسها السيدة المندوبة نجوى الغربي كانت حريصة على أن تكون هذه الدورة مناسبة ثقافية للتعريف بالفرق الصوفية الوطنية و المحلية من منطلق الحرص على المحافظة على الموروث الموسيقي ” الروحاني ” …و تقديم سهرات رمضانية متنوعة المضمون … مطلة على كل الفنون …


أطباق مهرجان تجلي في دورته الحالية كانت طيبة المذاق و عبارة عن نزهة للمشتاق …و لبّت جميع الأذواق قطفت من الموسيقى و الغناء أزهارا ساحرة أهمها على الإطلاق عرض هيام للمنشد الشجي احمد جلمام و عرض الليل زاهي لنور الدين الباجي ووجد احباء الفن السابع عروضا سينمائية متنوعة كشريط “رحلة وجدان” لخالد البرصاوي و فيلم “صوفيزيم” ليونس بن حجرية و إضافة إلى المسامرات الدينية كالتي أثثها الدكتور زهير الجندوبي . و لأحباء القصيدة و الشعر كانت المسامرة الشعرية بعنوان ” تجليات شعرية” من تأمين ثلة من الشعراء على غرار المنصف الوهايبي وورشة للتعبير الجسماني لنسرين بن عربية فضلا عن المسابقة في التصوير الفوتوغرافي ..
ما يمكن التأكيد عليه أن المندوبية حسنت فعلت باختيارها منهجا لهذه الدورة و أرست خيطا رفيعا بين كل هذه السهرات يتمثل في ” التصوّف ” أو ” النمط الصوفي ” كمدار تحوم حوله كل العروض … فإعادة إحياء هذه الموسيقى هو بمثابة التأكيد على أن الموروث حيا بيننا و كان لزاما أن يتم التذكير به و تقديمه للجمهور الواسع لتهذيب الذائقة الفنية و إزالة الشوائب عن أذن المستمع و المتفرّج خاصة و أننا في شهر التجلّيات ..
فالصوفية حتما هي عبق من رائحة الخزامى و نسائم البخور، ومزيج من ألحان تتقاذفها القلوب، تدغدغ الفؤاد فتحمله من مكان إلى مكان، وتطير به نحو فضاءات جديدة، فتفصله عن الواقع بحلوه ومرّه، وتزرعه بخيالٍ ليس فيه سوى السعادة..
دورة مهرجان هذه السنة و التي امتدت من 14 إلى 24 مارس كانت دورة متميزة من حيث التنظيم و الحضور وحملت في جرابها أبعادا وجدانية و حفرت في العميق و جمعت بين الأصالة و العتيق .. هي دورة قُدّ مضمونها على أسس رائقة و جميلة بأهداف نبيلة و معاني غزيرة و ابتعدت عن فكرة ما يطلبه المستمعون رغم كون هذه الأنواع من العروض لديها جمهور و متابعين..
و ما يكمن التنصيص عليه في جولة مهرجان تجلي أن هذا الموعد الثقافي لم يكن احتفاليا و احتفائيا و ابتعد في تقاسيم عروضه عن الاعتباطية و العشوائية و هجر الصخب الموسيقي و السهرات ” الاهتزازية ” … فقط كان غذاء من الروح إلى الروح ..تضامنا مع ما تخلفه الغارات في غزة من جروح .