*الطريق نحو ” البرند ”
* من منتوجين من مشتقات التمور الى 12 منتوج
في الجنوب حيث تمتد الواحات كخيطٍ من ذهب، وحيث تلامس الشمس قمم النخيل في كل صباح، وُلدت قصة شاب آمن بأن النخلة ليست مجرد شجرة… بل ثروة، وهوية، ورسالة.
مصطفى الصغير، أصيل قبلي، هادئ في طبعه، رصين في أحلامه، ثابت في خطواته، لكنه يحمل في داخله وهجاً يشبه وهج الصحراء.
هو نموذج لذلك المستثمر التونسي الذي لم يكتفِ بالحلم… بل حوّل الحلم إلى مؤسسة صلبة اسمها Green Fruits، وإلى علامة في طريقها لتصبح واجهة دولية لـ تمور نفزاوة.
والمفارقة الجميلة أنّ هذا الرجل الذي بنى مصنعاً من الطين والتحديات… هو نفسه صاحب صوت موسيقي جوهري، يعزف ويغنّي بعمق، كأن الفن كان ولا يزال رفيقه في مواجهة تعب الطريق.
فكيف بدأ كل شيء؟ وكيف تحوّلت الفكرة الصغيرة إلى مشروع عالمي؟ إليك الحكاية…
من قبلي إلى العالم: الشرارة الأولى
كان مصطفى شاباً متفائلاً، يحمل شهادة في التصرف بعد تخرّجه، ولج عالم السياحة، وهناك وقع على الملاحظة التي غيّرت مسار حياته:
“كل الغلال تُقدَّم للسياح بمشتقاتها… إلا التمور التونسية.”
كانت تلك اللحظة أشبه بصفعة وعي.
كيف نملك أجود أنواع التمور في العالم… ولا نقدّم منها سوى الحبة الكاملة؟
لا عجين، لا معجون، لا سكر طبيعي… لا شيء!
بدأ البحث. قلب صفحات الإنترنت، درس التجارب العالمية، ووجد أن دولاً عديدة تصنع عشرات المشتقات من التمور.
ولأن الإيمان بالفكرة هو أول الطريق، بدأ مصطفى رحلة التكوين في مركز التكوين حي الخضراء حمل اثرها شهادة في الصناعات الغذائية.
، ثم انطلق سنة 2006 في مشروع صغير، يدوي، بسيط… لكن بروح كبيرة.
مشروع صغير… وقلب كبير
سنتان من العمل اليدوي، و العمل على معجون التمر و رّبه سنتنان من الصعوبات و التحديات و ، من التعديل والتحسين.
لكن أهم ما في تلك المرحلة هو الإصرار… والإيمان بأن التمر التونسي يمكن أن يصبح عادة استهلاكية يومية، لا مجرد منتوج موسمي في المناسبات.
ومع الوقت بدأ الناس يكتشفون طعم معجون التمر، وفوائد ربّ التمر، وسهولة استعماله.
وبدأت السوق تتشكّل. شيئاً فشيئاً… صار الطلب موجوداً.
ولادة Green Fruits… الحلم يصبح مؤسسة
في سنة 2010، وبعد نضج الفكرة، أسس مصطفى الصغير مؤسسة Green Fruits.
من حلم صغير تحوّلت إلى مصنع، ومن منتوجين فقط، أصبح لدى المؤسسة اليوم 12 منتوجاً بيولوجياً متطوراً، منها:
- معجون التمر
- ربّ التمر
- سكر التمر الطبيعي
- عجين التمر
- التمر المقطع
- مسحوق نوى التمر (مفيد لمرضى السكري)
- إضافة إلى أنواع التمر الكلاسيكية
منتجات ليست موجهة الى السوق المحلية… بل موجهة أساساً للتصدير.
اليوم تصل منتجات Green Fruits إلى ألمانيا وأمريكا، وهما أكبر سوقين للمنتجات البيولوجية في العالم، في اعتراف صريح بثقة المستهلك الدولي في المنتوج التونسي.
شهادات عالمية… وأبواب مفتوحة نحو العالم
لم يتوقف السيد مصطفى عند حدود الإنتاج، بل آمن بقيمة الجودة والبحث العلمي.
تحصلت المؤسسة على:
- شهادات المنتوجات البيولوجية
- شهادة الحلال (إندونيسيا – ماليزيا – تركيا)
- شهادة كوشير للمستهلكين اليهود
- ترقيم دولي يسمح بدخول أسواق مختلفة
تقول قاعدة مصطفى الذهبية:
“كل سنة ونصف… يجب أن نطلق منتوجاً جديداً.”
وهكذا تحولت Green Fruits إلى ورشة ابتكار متواصل، يدعمها مهندسون وخبراء يؤمنون بأن التمر ليس منتجاً… بل عالم من الإمكانيات.
مؤسسة تجارية… ولكن أيضاً مؤسسة إنسانية
وراء كل مصنع ناجح… بشر. و صاحب المؤسسة يفتخر بأن مشروعه خلق: 200موطن شغل… مباشرة وغير مباشرة. وهو رقم يفاخر به على اعتبار ما توفره مؤسسته من رزق إلى عائلات متعففة فضلا عن كونه يمد يده للفلاحين، لأنه يعتبرهم الشريك الأساسي في الرحلة.
ويرى أن تثمين التمور هو أيضاً تثمين لجهدهم، ولموروث كامل يعيش في كل واحة تونسية.
الصعوبات… والنجاح الذي لا يستسلم
يؤكد الصغير ان قطاع التمور ليس سهلاً. هناك صعوبات في:
- التجميع
- غياب فضاءات نظيفة
- النقل
- التمويل
- التغيرات المناخية
لكنه ، بطريقته الهادئة وبصوته الداخلي الواثق، تجاوز العاصفة.
اليوم، Green Fruits ليست مجرد مشروع… بل اسم محترم في السوق العالمية، ولها حرفاء كبار يفتحون أمامها أبواباً جديدة كل سنة.
مستقبل التمور في تونس… رؤية مصطفى الصغير
تنتج تونس حوالي 350 ألف طن من التمور سنوياً، تصدر منها بين 100 و120 ألف طن.
نحن في المرتبة الأولى عالمياً في التصدير من حيث القيمة.
حيث يرى السيد مصطفى أنّ المستقبل الحقيقي ليس فقط في بيع التمور… بل في تثمينها وتصنيعها وخلق عادات استهلاكية جديدة في العالم.
وهو يؤمن بأن فتح السوق الصينية سيكون بمثابة النقلة التاريخية للقطاع، شرط توفّر إرادة سياسية قوية.
امتنان… يليق برجل يعرف معنى الطريق
يقول مصطفى:
“نجاحي ليس لي وحدي… بل هو لكل من وقف معي.”
ويشكر:
- الإطارات والعملة
- الهياكل الحكومية
- الفلاحين والمزودين
- فريقه الذي صبر معه في كل مراحل التأسيس
الحلم الذي لم يكتمل بعد…
مصطفى الصغير يريد أكثر. يريد أن يكبر المشروع كماً وكيفاً، وأن يصل إلى يوم تكون فيه Green Fruits Gamme عالمية. ويريد أكثر من ذلك: brandتمور نفزاوة – قبلي“ بمثابة علامة تونسية تُرفع بفخر في كل العالم.**
الخاتمة: حين يتحوّل ابن الجنوب إلى سفير للتمور التونسية
ان الجلوس مصطفى الصغير يضعك امام انموذج من المستثمرين الشبّان التونسيين الجماعين بين وهج الافكار و روية ثاقبة و توق لا يعرف الحدود .. و و تكتشف انه قصته ليست مجرد مشروع ناجح… إنها ملحمة هادئة كتبها شاب من الجنوب بعرق يديه، وبإصرار لا ينطفئ، وبحب للنخلة يشبه حب الأرض لأبنائها.
هو مستثمر…
وهو فنان بصوت عميق…
وهو ابن قبلي…
وهو واحد من أفضل ما أنجبت تونس من شباب قادر على حمل راية التطوير والابتكار.
من واحة صغيرة في الجنوب… إلى أسواق ألمانيا وأمريكا ز غيرها :عندما يمتزج الحلم بالعمل… يصبح التمر ذهباً.
الحبيب العرفاوي
